كانت (ألمانيا) قد شهدت منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى الكثير من الفوضى والتدهور؛ حيث ساءت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة الشروط والقيود التي وضعت عليها في معاهدة (فرساي) الدولية، والتي تم فيها إلزام (ألمانيا) بدفع تعويضات باهظة للغاية، وهو ما أدى إلى انتشار الثورة والغضب والانقسامات بين صفوف الشعب الألماني، وقد تمكن النازيون من استغلال تلك الفوضى الاجتماعية والسياسية وذلك التدهور الاقتصادي في الوصول إلى الحكم وبناء دولتهم النازية كما يريدونها.
انتهت الإمبراطورية الألمانية مع اندلاع لهيب الثورة عام 1918 م. أُرغم القيصر (ويلهلم الثاني) على ترك العرش، وانتهت بذلك حياة الرايخ الأول ليقوم من بعده الرايخ الثاني وتتحول (ألمانيا) من الإمبراطورية إلى الجمهورية، ولم تكن جمهورية الرايخ الثاني وما شهدته من قيام العديد من الأحزاب السياسية والصراعات بين الاشتراكيين والشيوعين سوى تمهيدًا لظهور الرايخ الثالث ذو السيطرة الديكتاتورية والأفكار النازية بقيادة (أدولف هتلر)؛ حيث كان حزب العمال الألمان الوطني الاشتراكي الذي انضم إليه (هتلر) هو أحد الأحزاب السياسية التي ظهرت في فترة الرايخ الثاني؛ وقد تم انشاؤه في عام 1919 م وكان عدد أعضاؤه حين انضم إليه (أدولف هتلر) سبعة أعضاء.
كانت (ألمانيا) في ذلك الوقت في حالة اقتصادية متدهورة للغاية بعد خروجها من الحرب العالمية الأولى وتوقيعها معاهدة (فرساي) التي أثقلت كاهلها بالديون والتعويضات التي أصبح عليها سدادها للدول التي هاجمتها (ألمانيا) في أثناء تلك الحرب وسببت لها خسائر فادحة في الأراوح والبنى التحتية، وقد نتج عن تلك الديون تدهور الأوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة كما زادت معدلات التضخم المالي، وجاءت الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت في الثلاثينات من هذا القرن لتجعل الوضع الاقتصادي أكثر سوءًا في (ألمانيا) لا سيما على الطبقات المتوسطة.
وقد تمكن النازيون من استغلال تلك الأوضاع المتدهورة في الدعاية لأنفسهم وترويج فكرة أنهم وحدهم القادرون على النهوض بـِِ (ألمانيا) والخروج بها من هذه المحنة، وهكذا تمكن النازيون من الوصول تدريجيًا إلى الحكم حيث وصل عدد أعضاء الحزب الذي لم يكن يتجاوز عددهم سبعة في بداية نشأة الحزب إلى ما يقرب من المليون عضو بحلول عام 1933 م، وفي العام نفسه تم تعيين (أدولف هتلر) مستشارًا للرايخ الألماني، لتنتهي جمهورية (فرساي) التي كانت تمثل الرايخ الثاني لتبدأ من هنا الدولة الهتلرية النازية والتي تمثل الرايخ الثالث.
وقد كان أول ما قامت به تلك الدولة الجديدة هو تمزيق معاهدة (فرساي) وكافة شروطها التي أثقلت (ألمانيا) بالديون ووضعتها في نطاق الدولة الضعيفة التي لا يجب أن يُسمح لها بالتمتع بأي قدر من القوة مرة أخرى، لذا قامت (ألمانيا) بالانسحاب من مؤتمر نزع السلاح كما أعلن (هتلر) أن (ألمانيا) ترفض المواد الخاصة المتعلقة بعدم تسلحها في معاهدات (فرساي)، وقد جاء اعتداء (ألمانيا) على (بولندا) واشعالها فتيل الحرب العالمية الثانية ليجعل الأوضاع الاقتصادية السيئة في (ألمانيا) والتي وعد النازيون بتحسينها قبل وصولهم إلى الحكم تزداد سوءًا وتدهورًا؛ حيث أدت الحرب إلى تعطيل وتدمير كثير من مراكز الإنتاج الزراعي والصناعي.
إن الفكرة الأساسية التي أقام عليها النازيون أسس وقواعد نظامهم الجديد هي أن النظام العالمي هو نظام يهودي في الأساس تسيطر عليه الحضارة اليهودية وأفكارها في كثير من نواحيه؛ لذا فقد سعى النازيون للتخلص من تلك السيطرة اليهودية وإقامة عالم جديد يسيطر عليه الجنس الجرماني الذي اعتبره النازيون أنقى أجناس البشر وأرقاها لتنفيذ إرادة الله في العالم وتطبيق حياة السيد المسيح، وهو ما جعل النازية تتخذ الصليب المعقوف شعارًا لها.
وقد قسم النازيون الشعب الجرماني إلى طبقات حسب النقاء؛ حيث تمثل الطبقة العليا الجرمان الذين يعيشون في الرايخ الألماني، ثم بعد ذلك الجرمان الذين لا يعيشون في الرايخ ويعرفون باسم الأقرباء ثم بعد ذلك الدانمراكيين والنرويجيين والسويديين، أما الطبقة السفلى فقد وضع بها الزنوج، وبين الطبقتين العليا والسفلى هناك الأتراك والبلغار، ثم الرومانيين والسلاف، ثم اليهود ثم شبه الزنوج، وقد أنكر النازيون وجود حضارة في (آسيا) والشرق الأوسط ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، لذا وبناءًا على تلك التصنيفات التي وضعها النازيون فقد أصبح من المنطقي من وجهة نظرهم أن يقوم الجنس الجرماني بالسيطرة على القارة الأوروبية ومن ثم العالم؛ لذا فقد بدأوا في تهيئة وسائل الحرب وإدارة شئون الدولة على ذلك الأساس.
وللمحافظة على نقاء الجنس الجرماني قام النازيون بالعديد من الأعمال الوحشية؛ حيث قاموا بطرد اليهود من (ألمانيا) وتشريد أسرهم، وتعقيم البولنديين تعقيمًا إجباريًا لمنعهم من التكاثر والاختلاط بالجنس الجرماني النقي، بالإضافة إلى قتل المرضى وذوي العاهات في (ألمانيا) وفي الدول الخاضعة للرايخ كي يحافظوا على نقاء الجنس الجرماني من المرض سواء النفسي أو العقلي، وقد نتج عن ذلك أن قام النازيون بقتل حوالي مائة ألف شخص داخل الرايخ نفسه في عامين فقط 1939- 1940 م.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان